الاثنين، 29 يوليو 2019

رحيل " الضيف "

حين كنت في الثالثة من عمري .. أذكره .. يجلس دائما على الكرسي المذهب في صالون منزلنا .. لم أكن أعي جيدا مَن ذلك الرجل الغريب .. كان متأنقا وسيما يرتدي نظارة وقميصا مكويا دائما وحذاءً يلمع .. حليق الذقن .. وأول ما أراه من خلف الستائر كانت ابتسامته المطمئنة .. وكنت خجولة بطبعي ولا أدري سوى كلمات أمي القليلة عنه .. سلمي على الضيف .. لكنني حين أقترب بطبيعة الأطفال في تلك العمر كنت أخجل بشدة وأجري مختبئة ثانية خلف الستائر .. وتمر الأيام والسنون .. وأعلم أنه كان عريسا لأختي ثم زوجا لها .. ثم أبا لأبنائها الثلاثة الذين يصغرونني بعدة سنوات قليلة .. وطوال تلك السنوات اختفت الستائر بيني وبين الضيف .. ذلك الإنسان الحنون .. الخدوم .. ابن البلد .. الجدع .. الشهم .. لم يعد ضيفا أصبح صاحب البيت .. أصبح أساس البيت .. لم يكن زوج أختي بل كان أبي .. كان يظهر دائما بين الوقت والآخر مثل الضيف ويختفي .. يظهر في مرض أحد أفراد العائلة .. موت أحدهم .. زواج إحدانا .. يظهر بشدة ثم يختفي كالطيف ولكني كنت أطمئن أنه يختفي استعدادا للظهور مرة أخرى .. وهكذا الحياة .. رحل الضيف لآخر مرة ليختفي دون ظهور .. يختفي من كل مكان ليبق في ذاكرتي دائما أبا وصديقا وليس ضيفا ..

                           وداعا زوج أختي وأبي أحمد عاصم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق