السبت، 24 مارس 2012

رسائل حب .. تبحث عن هوية .. الرسالة الثالثة : ( موقعة الجمل )



       فاكر يوم موقعة الجمل ؟ أنا كنت ساعتها في بيتنا .. لما رجعت بعد جمعة الغضب كل العيلة كانت عليّ .. البنت عيارها فلت إزاي تخرج في الظروف دية ؟ والشوارع كانت مخيفة والحاجات مش هي هي .. كل البيبان اتقفّلت .. هناك .. وأنا جوة زنزانتي العتمة الحياة اتركّزت على شاشة بالألوان .. ومنظر كبير للميدان .. وإنت فين في الصورة دية ؟ يمكن في ميدان الشهيد وللا جاي من بعيد .. وللا بتجمّع حجارة وللا في قصر الدوبارة .. وللا تكون إنت الشهيد ؟ قلبي اتخطف من الفكرة دية .. يا ريتني كنت هناك .. وسط الحياة .. وسط الناس .. وسط الدفا والإحساس .. مش هاخاف من البلطجية ولا شوية أرزقية ولا عيال متوصية ولا عناصر متخفية .. العمر واحد والرب واحد .. بس إنت إيديك اتنين إيد بتضرب الديابة وإيد هتحاجي عليّ .. لما ظهر نور الصباح اتوضيت وصليت لجل ما الغمة تنزاح .. ونزلت بدري بدري ومشيت أتلفت حوالية ماهي الشوارع مش أمان والخوف مسيطر على المكان .. وفي إيدي شنطة مليانة قطن وشاش وعصير وشوية حاجات يحتاجها الميدان .. عند كوبري قصر النيل هديت شوية على الرصيف إللي اتقابلت فيه عيوننا .. شميت عبيرك في المكان ممزوج بريحة الحرية .. الله .. محتاجة أتنفسك شوية .. كمان .. كل ما أقرب من الميدان يزيد العطش والشوق زيادة .. خطوة وخطوتين وتلاتة .. أنا في حضن الميدان .. إنت فين ؟ إنت مين في الموجودين ؟ إنت أحمد أو محمد أو علي أو حسين ؟ وللا يمكن مينا وللا بشرى وللا مايكل وللا زين ؟ إنت مين ؟ مش مهم .. الأهم .. إنت فين ؟ هو ده يبقى السؤال .. وجاني ردك من بعيد .. جاي تجري ومعاك ابتسامتك .. في عز نور الصبح أحلف إني شفت الهلال في السما عالي .. قرب شوية .. كمان شوية .. مديت إيدية بالعصير .. مديت إيديك بالسلام .. ماعرفتش مين فينا إللي ارتوى ومين فينا إللي سلّم .. كان زي المنام ..  

الخميس، 15 مارس 2012

رسائل حب .. تبحث عن هوية .. الرسالة الثانية : ( جمعة الغضب .. ميدان التحرير )



        لحظة دخولنا الميدان .. لحظة غير كل إللي فات وإللي جاي .. لحظة مقدسة غالية زي إللي داخل كعبته بعد شوق وصبر وإيمان .. مهما دخلنا الميدان بعدها مرات ومرات مستحيل إحساسنا يتكرر .. ماهو لكل حاجة بتتولد جوانا إحساس زي البصمة ما يتزيفش .. زي أول شربة مية بعد أول صيام وإحنا لسة صغيرين .. زي أول حضن من أول حبيب حتى لو كان حضن خايف مستعجل بيرتعش من البرد على شط النيل .. زي أول أحمر شفايف محرم يتحط في الطريق من المدرسة بإيدين مهزوزين .. أول صلاة للحب في كل ملة وكل دين .. ساعتها خافت عيوني لما طافت في الميدان تدوّر عليك ومالقيتكش .. حتى النَفَس الطالع من جوايا مشتاق لعينيك .. يا ترى عبرت الجسر وللا لسة ؟ الأرض تحتي بتميل عليّ .. وريحة دخان الغاز خدّرت آخر مقاومة فيّ .. خلاص .. أنا استسلمت .. وقبل ما أعلن عن هزيمتي وأداري في الأرض خيبتي كانت كفوفك .. وكان معاها أول حروفك .. إنتي كويسة ؟ عرفت ساعتها ليه أنا من زمان حبيت اللغة العربية وعشقتها .. عشان في اللحظة دي أسمع حروفها وأعدّها وأتأمل معانيها من شفايف شاب أسمر عروقه غازلة على الجبين "حُر" .. يااااه .. كنت فين من زمان ؟ ده أنا كنت قربت أنسى طعم المية .. مديت إيدية .. كنت عاوزة ألمسك .. يمكن أقدر أستوعبك وأصدق إنك بجد في اللحظة دية .. بحق وحقيقي مش خيال .. مش محال .. منعني خجلي وعجزي وضعفي .. حتى لساني جِه عليّ .. ابتسمت لما حسيت بالأمان .. شاورت بعينية إن كل شئ تمام .. رديت على ابتسامتي بابتسامة الخلاص .. خلاص .. أنا حبيت الميدان ..

الثلاثاء، 13 مارس 2012

رسائل حب .. تبحث عن هوية .. الرسالة الأولى : ( جمعة الغضب كوبري قصر النيل )




        لما اتقابلنا في "جمعة الغضب" على كوبري قصر النيل وسط الموت والخوف والدم ورصاص البندقية وعلى أنغام هتافاتنا "الشعب يريد إسقاط النظام" .. والمطر إللي غرّق شعرك الاسود من عربية أمن مركزي كنت واقف قدامها بثبات .. بصيت جنبي لقيت ست عجوزة بتنزف .. جرينا عليها ماعرفش مين فينا إللي شافها الأول لكن إيدينا اتشبّكت حواليها زي خيوط ضفيرتي الطويلة المرتاحة على ضهري من سنين .. لحظتها بس اتقابلت عيوننا لأول مرة .. من غير كلام قلتلي خليكي جنبي .. خليكي أتقوّى بيكي وأتسند عليكي وأشوف الحلم في عينيكي .. فيها إيه لو يكتمل حلمنا مرة ؟! كنت عاوزة أقولك ده نفس إحساسي .. كنت عاوزة أسألك عن اسمك بس اتكسفت .. سكت .. والخوف اتملّكني وأنا شايفاك بتعبر الجسر وبين إيديك الست العجوزة وهي بتنزف سلاسل على الطريق .. وكأني صعبت عليها وهي في عالم تاني فقررت تحَنّي الأرض بدليل يهديني ليك لما تتوه عن عيوني .. حسيت ساعتها كأنها أمي جاية ساعة فجرية تغطيني وتطبطب عليّ .. مع إني ماعرفش اسمها ولا فاكرة ملامح وشها ولا قدرت حتى أضمها .. كانت هي الدليل .. وكنت إنت الأمل .. بس يا ميت خسارة تاه الدليل في لحظة .. لما قطع العسكر الجسر إللي بيننا .. لما داسوا بالبيادة أشرف علاماتي .. ساعتها بس حسيت باليتم .. صرخت .. ندهت عليك بعلو الصوت المكتوم الضايع على جسر متعلق في الهوا .. يا ريتني ما اتكسفت لما شفتك .. يا ريتني حتى عرفت اسمك .. يا ريتني اتشعلقت بالقوة إللي في ملامحك .. ليه نتكسف في لحظة ميلاد .. مع إن الطفل الوليد بيشق العدم عريان ؟!