الأربعاء، 29 فبراير 2012

روح العبيد !!



عندما تصبح إهانة الذات متعة .. وتحقير النفس راحة .. والرغبة في التشيؤ سبيل .. لا تجد ما يكفي من الكلمات للتعبير عن نفورك من تلك الحالة التي قد تكون مرضية وقد تصبح عادة بفعل عوامل كثيرة بدءًا من تصدير الإحساس بالدونية وفقدان الثقة بالنفس والرغبة في إيذائها بشتى الطرق النفسية منها والمادية وحتى الوصول لمرحلة التوحد مع الجلاد بل وعشقه والتلذذ بإذلاله له في شتى الصور الممكنة لتضمحل الذات بعدها وتتلاشى فتصبح الروح خانعة لا تتنفس إلا بالأوامر والسياط .. روح العبيد حالة وصل إليها الكثير من الناس في مجتمعنا الحالي بعد سنوات من الضغط والإذلال والقمع وكبت الحريات وقهر الذات المبدعة .. حتى وصل الأمر بهم أنهم أصبحوا يستبدلون جلادًا بجلاد وطاغوتًا بطاغوت .. ليبقى دائمًا السوط موجه لظهورهم المحنية وتبقى الأغلال في أعناقهم المكسورة على صدورهم التي عجزت عن التنفس .. ولا أجد دليلا على ذلك خير من تلك الرسالة التي وصلتني من أحد الأشخاص الذين لا أعرفهم ولا أتمنى معرفتهم في يوم من الأيام .. أترككم معها دون تعليق :

هاى انا اسمى عمر من المعادى كليه تجارة ..
انا بشتغل خدام وسواق انا عارف انها غريبة بس ممكن تحطيها تحت بند ان كل واحد بيلاقى متعته فحاجة بتختلف عن التانى .. انا مش عايز فلوس او صداقة او اى حاجة مش عايز اى حاجة غير انى احس اننى مملوك لحضرتك وبخدمك وحضرتك تعاملينى على اساس ده انى خدام بخدمك مش حد بيساعدك انا بعرف انضف واغسل واجيب طلبات البيت .. وعندى عربية ورخصة وهبقى سواق لحضرتك وخدى اى ضمان حضرتك تحتاجيه جربى حضرتك مش هتخسرى حاجة من تجربة علاقة غريبة بس مفيدة .. كل ما فى الموضوع ان كل واحد بيلاقى متعته والحاجة اللى بيحبها فى حاجة بتختلف من واحد للتانى .. أنا مش عايز اى حاجة غير انى اكون مملوك ليكى وبسمع كلامك كأنه اوامر كده ببقى فى قمة سعادتى انا لو عايز حاجة تانى هقولها ما هو جنان بجنان بقى ومتأكد ان عدد قليل هو اللى هيرد على الرسايل .. لو حابه نتكلم ممكن تبعتى ميلك انا مردتش اضيف حضرتك غير بعد ما اشوف هنتفق ولا لا لو حابه نتكلم انا منتظر ميلك .. انا منتظر رد حضرتك ..

الأربعاء، 8 فبراير 2012

" ڤـالـس " .. على أنغام البندقية !



وسط ضجيج المعركة تعالى الهتاف يسقط يسقط حكم العسكر .. صور لشباب وأطفال معلقة هنا وهناك .. دموع أم تحتضن قميص ملوث بالدماء .. مسيرة نسائية تدخل الميدان .. شيخ معمم فوق الأعناق .. رجلان يحملان صبي تنزف الدماء من إحدى عينيه .. خيام وسط الصينية .. باعة جائلون .. لافتات .. أعلام .. رائحة الغاز تملأ الميدان .. الجو ضبابي .. الرؤية متعذرة .. الأنفاس لاهثة .. وبين الحين والآخر أصوات الرصاص تخترق الآذان معلنة شبقها التاريخي للمزيد من الدماء ..

شاب وفتاة وسط الميدان .. تتنقل عيناها بين شارع محمد محمود حيث الرصاص وبين عينيه .. ترتجف يداها .. تدب رعشة قوية في داخل رحمها .. تحتضن يديه بشدة .. تشعر بحرارة جسده وسط برد الشتاء .. يتلاشى الخوف تدريجيا .. تبتعد لحظات .. صوت الرصاص يعاود العزف من جديد .. تتصاعد أنفاسها .. تعود لتختبئ بين طيات ملابسه .. يربت برفق على كتفيها .. يبتسم .. يخجل من نفسه ويسحب ابتسامته على الفور .. في صمت حزين تنظر إليه برهة ثم فجأة تلتقط يده اليمنى تلفها حول خصرها .. لا يفهم شيئا .. تضع يدها اليسرى فوق كتفه وتحتضن يسراه وهو في ذهول تام .. يهم بالحديث تقاطعه بعينيها وترسل إليه لهيب أنفاسها الواحد تلو الآخر عبر نسائم الميدان .. تنهار آخر حصون دفاعاته أمام إصرار عينيها .. يقتنع .. يبدآن في رقص الڤالس ( رقصة الحياة ) ..

      وسط دبيب الخوف .. وسط الأنين والنحيب .. وسط ضباب المعركة يرقصان .. على أنغام البندقية يرقصان .. في تشبث الأطفال بأثداء أمهاتهم يرقصان .. في ابتهال راهب يتضرع إلى إلهه منشدا الغفران يرقصان .. يدوران .. يطيران .. في الميدان .. يرتطمان بكتف امرأة عجوز فتنهرهما .. يلامسان عباءة شيخ ملتحي فيتوعدهما .. يمران أمام ناظري شاب فيتجاهلهما .. باللعنات هما مشيعان .. لكنهما لا يتوقفان .. لا ييأسان .. علهما ينشران دعوتهما يوما ما فيصبحان أربعة .. ستة .. ثمانية .. عشرة ..

الخميس، 2 فبراير 2012

الإحساس " مش " نعمة !



     أن تراقب مزيدًا من الدماء تراق أمام ناظريك دون وجه حق وأنت عاجز لا تملك غير الإحساس فهو ليس نعمة ..
     أن ترى الكثير من البسطاء ينزلون من بيوتهم في برد فبراير يرفعون الأعلام .. يصيحون ويهللون مسترقين بعض لحظات السعادة في حلبة مباراة فيتم استغلالهم للمرة المليون كجزء من مباراةٍ أخرى هي الأكثر دموية وشراسة وضعها الحكام لحساباتهم الشخصية الوضيعة وأنت لا تملك غير الإحساس فهو ليس نعمة ..
     أن ترى فريقا يصارع فريقا .. وفريقا يقود فريقا .. وفريقا يزفّ فريقا .. وأنت تقف مكتوف الأيدي مع الفريق العاجز لا تملك غير الإحساس فهو ليس نعمة ..
     أن ترى الدجالين والمشعوذين والداعرين والطبالين والمهللين والكذّابين والمتحولين والمتلونين يدنّسون طهر الحلبة بأقدامهم النجسة العفنة وأنت في انتظار قرار من يمثلونك في المجلس لا تملك غير الإحساس فهو ليس نعمة ..

     هو ابتلاء من السماء .. بل امتحان الإله لنا نحن الذين لا نمتلك ولا نريد أن نمتلك غير الإحساس .. أفبالإحساس يا سادة تدار المعركة ؟ أبالإحساس تحقن الدماء ؟ أبالإحساس نخلّص الوطن من محتلٍ غاشم عديم الإحساس ؟ أبالإحساس يسقط حكم العسكر ؟
       
     للمرة التي لا أذكر عددها ـ فما أكثرها من مرات ـ نتحمل جميعًا دماء شهداءنا .. مَن دبّر ومَن قتل ومَن ترك ومَن شاهد ومَن سكت ومَن سمح ومَن هاجم ومَن ادّعى ومَن لا يريد أن يملك غير الإحساس ..

     من كان منكم لا يرغب في تحمل المزيد من الدماء التي تراق "وستراق" ، عليه أن يبحث عن شئ آخر أو أن يستأصل تلك الخلايا من جسده للأبد حتى لا تؤرقه بعد اليوم .. انزعوا إحساسكم يا سادة .. إن كنتم لا تعلمون كيف ؟ اسألوا حكامكم !