الأربعاء، 8 فبراير 2012

" ڤـالـس " .. على أنغام البندقية !



وسط ضجيج المعركة تعالى الهتاف يسقط يسقط حكم العسكر .. صور لشباب وأطفال معلقة هنا وهناك .. دموع أم تحتضن قميص ملوث بالدماء .. مسيرة نسائية تدخل الميدان .. شيخ معمم فوق الأعناق .. رجلان يحملان صبي تنزف الدماء من إحدى عينيه .. خيام وسط الصينية .. باعة جائلون .. لافتات .. أعلام .. رائحة الغاز تملأ الميدان .. الجو ضبابي .. الرؤية متعذرة .. الأنفاس لاهثة .. وبين الحين والآخر أصوات الرصاص تخترق الآذان معلنة شبقها التاريخي للمزيد من الدماء ..

شاب وفتاة وسط الميدان .. تتنقل عيناها بين شارع محمد محمود حيث الرصاص وبين عينيه .. ترتجف يداها .. تدب رعشة قوية في داخل رحمها .. تحتضن يديه بشدة .. تشعر بحرارة جسده وسط برد الشتاء .. يتلاشى الخوف تدريجيا .. تبتعد لحظات .. صوت الرصاص يعاود العزف من جديد .. تتصاعد أنفاسها .. تعود لتختبئ بين طيات ملابسه .. يربت برفق على كتفيها .. يبتسم .. يخجل من نفسه ويسحب ابتسامته على الفور .. في صمت حزين تنظر إليه برهة ثم فجأة تلتقط يده اليمنى تلفها حول خصرها .. لا يفهم شيئا .. تضع يدها اليسرى فوق كتفه وتحتضن يسراه وهو في ذهول تام .. يهم بالحديث تقاطعه بعينيها وترسل إليه لهيب أنفاسها الواحد تلو الآخر عبر نسائم الميدان .. تنهار آخر حصون دفاعاته أمام إصرار عينيها .. يقتنع .. يبدآن في رقص الڤالس ( رقصة الحياة ) ..

      وسط دبيب الخوف .. وسط الأنين والنحيب .. وسط ضباب المعركة يرقصان .. على أنغام البندقية يرقصان .. في تشبث الأطفال بأثداء أمهاتهم يرقصان .. في ابتهال راهب يتضرع إلى إلهه منشدا الغفران يرقصان .. يدوران .. يطيران .. في الميدان .. يرتطمان بكتف امرأة عجوز فتنهرهما .. يلامسان عباءة شيخ ملتحي فيتوعدهما .. يمران أمام ناظري شاب فيتجاهلهما .. باللعنات هما مشيعان .. لكنهما لا يتوقفان .. لا ييأسان .. علهما ينشران دعوتهما يوما ما فيصبحان أربعة .. ستة .. ثمانية .. عشرة ..

هناك تعليق واحد: